الهندسة الأقليدية والنظام البديهي
الهندسة الأقليدية والنظام البديهي
لقد اكتسبت الهندسة الأقليدية عبر القرون والألفيات المتعاقبة سمعة اكثر من رائعة. فهي آية من آيات الجمال والدقة والكمال. فالهندسة الأقليدية لا تقل في جمالها عن أرقى الأدآب كما أن تجاربنا الحياتية أكدت دقتها بدرجة مذهلة. هذا كله اكتسب الهندسة الأقليدية هالة من القداسة. بل أعتبرها البعض في العصور الوسطى برهان على الأعجاز الألهي وأنها تعكس الأسلوب الألهي في خلق الكون. فأي تشكيك فيها يعتبر نوع من الألحاد والكفر بالدين. لقد بنى أقليدس هندسته على 23 تعريفًا و 5 بديهيات و 5 مسلمات.
لقد قام أقليدس بأخطاء عند تعريفه للنقطة والمستقيم, فهو عرف النقطة بأنها الشيء الذي لا جزء له وهذا تعريف غير دقيق لأننا بالاصل لا نعرف ما هو ذلك الشيء هذا بالنسبة للتعاريف. أما بالنسبة الى المسلمات الخمسة فأيضًا توجد هناك أخطاء خصوصًا في برهنة المسلمة الخامسة والتي هي (اذا قطع مستقيمان ثالث بحيث يكون مجموع الزاويتين الداخليتين على جهة واحدة من القاطع أقل من قائمتين. فأن المستقمان سوف يلتقيان اذا مددناهما على نفس هذه الجهة). فأقليدس كان لديه مشكلة في تحديد موقع النقطة على المستوى أثناء البراهان.
من أجل كل هذا فقد قام الرياضيين بإعطاء حلول ومعالجات لتلك الأخطاء والهفوات الموجودة في الهندسة الأقليدية من خلال أعطاءهم مصطلح (العناصر الغير معرفة) مثل النقطة والشعاع, ومن ثم الأعتماد عليه في أعطاء تعرف النظام البديهي لكل علم. فعلى سبيل المثال علم الرياضيات : هو ذلك النظام البديهي الذي عناصره الأولية ذات طبيعة رياضية.
وعليه قام الرياضيون بوضع خواص مهمة لأي نظام بديهي اي بعبارة اخرى اذا لم تتوفر هذه الخواص فلا يعد ذلك النظام نظامًا بديهيًا. إن للنظام البديهي ثلاث خواص وهي كالتالي: أولًا الأتساق, ويكون النظام البديهي متسقًا إذا لا توجد في النظام بديهيتين, أو اي بديهية ومبرهنة أو اي مبرهنتين صائبة وخاطئة في نفس الوقت, ومن ذلك نستنتج إن خاصية الأتساق هي من الخواص الأساسية لأي نظام بديهي. ثانيًا الأستقلالية‘ ويكون النظام البديهي مستقلًا إذا اي بديهية مستقلى بذاتها‘ أي لا يمكن أستخراجها من البديهيات الأخرى في النظام. والأستقلالية هي خاصية غير اساسية, حيث إذا وجدت إحدى البديهيات غير مستقلة (أي انها مبرهنة), توضع في مجموعة المبرهنات. ثالثًا التمامية, يقال عن النظام انه غير تام إذا امكن اظافة بديهيات مستقلة أخرى للنظام مع إبقاء النظام متسق. وعليه يكون النظام البديهي تامًا إذا استحالة إظافة بديهية مستقلة للنظام.
مما تقدم نستنتج ذلك, أنه مهما كانت الحقائق والأكتشافات العلمية لأي علم قوية وصلبة ومسلم بها لعدة عصور يجب البحث والتمعن وإعادة النظر بها, لأنه في النهاية هي حقائق قام بوضعها بشر وليست منزلة.
م. د. عبد الستار جمعة ذياب
قسم الحاسوب
