مقالة بعنوانالذكاء الصناعي والبحوث العلمية بين سرعة الإنجاز والهلوسة العلمية بقلم الاستاذ المساعد الدكتور: اسماء حسيب هويد
لتقنية الذكاء الصناعي جوانب مهمة وفاعلة في كل جوانب الحياة لا سيما على الصعيد العلمي. فلهذه الأداة الجديدة أثر كبير في خدمة البحث العلمي وتسريع الإنجازات التي من الممكن ان تأخذ وقتاً طويلا عند معالجتها بمنصات إلكترونية أخرى ، مثل تحليل البيانات الضخمة وتصميم التجارب و التنبؤ العلمي وتحسين جودة الكتابة العلمية وتلخيص مجمل المقالات العلمية. ومن الجانب الأخلاقي حددت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، إستخدام تلك الأداة في مساعدة الباحثين في كتابة بحوثوهم العلمية بنسبة استلال لا تتجاوز 25% وعدم الإعتماد عليها كليا في كتابة البحث العلمي.
نفتح في هذه المقالة بابًا مثيرًا للنقاش حول مفارقة العصر الرقمي: كيف يمكن لتقنية قوية مثل الذكاء الاصطناعي أن تكون في آنٍ واحد محفزًا للتطور والابتكار ومصدرًا للقلق على الصعيد العلمي والبحثي؟
الجانب الآخر الذي يعود بنتائج عكسية مرهقة للباحث هو عند تقديم البحث الى أي مجلة علمية لأغراض النشر تطالب معظم المجلات العلمية الإبتعاد عن إستخدام تلك الأداة في كتابة البحث والأهم من ذلك من واقع معرفتي للمجلات العلمية وآليات النشر فيها إن تلك المجلات تطلب وتوكد على الحاق كل مصدر او مرجع بالمعرف الرقمي الدولي DOI وهو معرف يستخدم لضمان إمكانية الوصول إلى البحث وتحديده بشكل دائم حتى لو تغيرت عناوين URL الخاصة به. هنا سيقف الباحث حائرا أمام إستخدام مصادر موثقة غير وهمية وإعادة كتابة مقالة من جديد أو يستمر في إستخدامه لكاتب آخر لمقاله ذات الكلمات والعبارت والمصادر الوهمية وتقديمها لمجلات تغض النظر على مصداقية وسلامة البحث المقدم لها؟ .
لكن لنتوقف لحظة ونستذكر مقولة (السكين لها حد واحد بأكثر من إستخدام ، أحدهما يقتل والآخر قد يساعدك في طهي الطعام)، تنطبق هذه المقولة على تقنية الذكاء الصناعي التي يمكن ان تستخدم في إدارة وتوجيه البحث العلمي بالإتجاه الصحيح ، لكن كان الإستخدام الآخر لها بشكل سلبي على رصانة البحوث العلمية وقتل النزاهة العلمية. ومن خلال تجربة شخصية ، عند مراجعة أحد البحوث العلمية فكرت في أن أراجع المصدر الذي أقتبس منه الباحث تلك الفقرة ، وعند إدخال ذلك المصدر أو المرجع الى عدة منصات منها كوكل سكولر و PubMed ومنصة Google فوجئت بعدم وجود اي أثر لذلك المصدر ، وبعد إجراء الاستلال الالكتروني تبين ان معظم الباحثين الذين يكتبون البحوث العلمية بإستخدام أداة الذكاء الصناعي أن تلك الأداة احيانا تزود الباحثين المستخدمين لها بمصادر وهمية ليس لها وجود على الإطلاق في اي من المنصات السابق ذكرها !!!
تظل المشقة في البحث العلمي شرفًا لا يُضاهى. فكل ساعة تُقضى في البحث عن معلومة صادقة منسوبة لاصحابها بأمانة وصدق، وكل جهد يُبذل في صياغة كلمات البحث بأسلوب الباحث ، هو إستثمار في الحقيقة، لا في السراب.
التزييف العلمي ليس اختصارًا للوقت، بل اختصارٌ للمصداقية. والباحث الحقيقي لا يطلب الراحة، بل يسعى إلى الأثر. فليكن التعب وسامًا، لا عيبًا، وليكن الصدق التزاما، لا خيارًا.

