فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) : الغائب عن الوعي والحاضر في اجساد ضحاياه، لا يرى ولكن يخلف ما لا ينسى
فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) : الغائب عن الوعي والحاضر في اجساد ضحاياه، لا يرى ولكن يخلف ما لا ينسى
بقلم الاستاذ المساعد الدكتور
اسماء حسيب هويد
نبدا مقالتنا بأبيات شعرية توعوية تسلط الضوء على المخاطر الصحية لهذا الكائن الخطير المتزايد الإنتشار بين مجتمعنا العراقي.
في خفاء يسري، لا يرى بالعين
فيروس مخادع، ينتشر بالجسد بتمكن
ورم حليمي مسببا، اسمه لا ينسى
يهدد الانثى، والذكر على حد سواء ايضا
ينتقل همسا عبر اللمس الخفي
عبر العلاقات والجلد دون وعي او بوعي
قد يزرع في عنق الرحم شرا
ويشعل نار السرطان جهرا
فلا تستهينو بخطر مستتر
فالتوعية درع والوقاية ستر
يعد هذا الفيروس بانماطه الجينية عالية الخطورة ومنخفضة الخطورة أكثر الفيروسات المنقولة جنسيا ، يمكن ان تصيب الرجال والنساء منتقلا عبر الاتصال الجنسي للشركاء والجلد والاسطح الملوثة في الحمامات العامة ومناشف الجسم كذلك عبر مراكز التجميل باستخدام ادوات الحلاقة والليزر الملوثة بالفيروس. في حال عدم تمكن الجهاز المناعي البشري من التخلص من هذا الفيروس تتطور الاصابة به لتصبح مزمنة مسببة أمراض حميدة كثآليل الأعضاء التناسلية أو أورام خبيثة كسرطان عنق الرحم وسرطان الشرج، وسرطان الفرج، وسرطان المهبل، وسرطان القضيب، وسرطان البلعوم. الأنواع الأخطر عادةً ما تنتقل من خلال الاتّصال الجنسيّ والعلاقات الحميميّة، ومنها النوعان 16 و18 اللذان يُسهمان في ظهور سرطان عنق الرحم أو خلل التنسج العنقي (تغييرات غير طبيعية في خلايا سطح عنق الرحم) لدى الإناث، ويعد هذا النوع من السرطانات من أهمّ أسباب وفيات النساء عالميًّا. غالبًا ما تكون الاصابة بدون أعراض، لكن في بعض الحالات تظهر الثآليل التناسلية على شكل نتوءات صغيرة أو مجموعات تشبه القرنبيط، تظهر على الأعضاء التناسلية أو حولها. ايضا الثآليل الجلدية يمكن أن تظهر على اليدين، القدمين، أو الوجه حسب نوع الفيروس، في حين تكون الأعراض المرتبطة بالمضاعفات الخطيرة تغيرات في خلايا عنق الرحم التي لا تُلاحظ إلا عبر فحص “بابا نيكولاو” (Pap smear)، وقد تكون مؤشرًا على خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم. من خلال التقارير المنشورة هناك انتشار متزايد للفيروس بين النساء العراقيات بدون ان ان يدركن او يعين اصابتهن للفيروس. في العراق لا يوجد برنامج لتقديم اللقاحات الخاصة بالفيروس الحُليمي المسبّب الأول لسرطان عنق الرحم للإناث ، كما لا يتم الكشف مبكّراً عن هذا النوع من السرطان. في تقرير لبرنامج ريبورتاج ©️ فرانس 24 نشر في 06/02/2024 اكدت وزارة الصحة على ادخال لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في برنامج اللقاحات وان يكون الزاميا للفئات من عمر 9-14 سنة و من عمر 15-27 سنة. حتى الوقت الحالي بعدم وجود اللقاحات نهيب بالنساء خاصة المتزوجات إجراء اختبار “بابا نيكولاو” (Pap smear) كل 3 سنوات بدءًا من سن 21، أو حسب توصيات الطبيب، اجراء اختبارات دورية للكشف عن HPV DNA الخاص بالفيروس وهو اختبار للكشف المبكر عن الفيروس لدى النساء فوق سن 30. فيما يخص الرجال يمكن تجنب الاصابة بالفيروس ونقل العدوى للزوجات بتقليل شركاء الجنس والعلاقات خارج اطار الزواج. كما ان التوعية المستمرة من قبل وزارة الصحة العراقية بالاشتراك مع وزارتي التربية والتعليم العالي يمكن ان يلعب دورا فعالا في توجيه انتباه المجتمع العراقي بكل فئاته لهذا الخطر الصحي.
من رحم المعرفة تولد الحماية… فلنضيء الطريق نحو مجتمع خالٍ من فيروس الورم الحليمي البشري HPV ، الصحة لا تُهدى، بل تُحمى… والوقاية من HPV تبدأ بخطوة واعية.”