المخدرات الرقمية والخطر الجديد الذي يهدد الشباب والمجتمع
إن أجمل هبة من الله اعطاها للإنسان هو العقل ،وهي تلك الميزة التي تميزبها الانسان عن باقي مخلوقات الله وزرع فيه القدرة على التفكير والذكاء والتخيل والا در ا ك والتعلم والتصور والابداع ، ولأهمية هذا العقل صار محل تحاسد بين البشر كأفراد، مثلما ظل مركز تنافس بين الامم . وان الامم التي تتقدم هي الامم التي استثمرت في عقول ابنائها فوصلت الى ما وصلت اليه من رفعه وتقدم وازدهار, واستطاعت ان تثبت وجودها وتطورها وتقدمها في مختلف ميادين الحياة . واقترن تقدم الحضا رات بتفوق العقول التي انشأتها ، وان الفرد المتخلف يوصف دائما بالجاهل والامة المتخلفة بالامة الجاهلة بخلاف الفرد المتفوق الذي يسمى بالعاقل والامة المتحضرة بأمة العقل . وكثيرا ما تعرض أصحاب العقول لألوان من التغييب الفكري والعقلي واستخدام المعرقلات والمعوقات المختلفة والتي توضع في طريقهم من قبل اشخاص لايمتلكون المؤهلات العقلية التي يمتلكها اصحاب العقول لانهم تميزوا عن الباقين باستنارة بصائرهم وقدرا تهم على استكشاف المستقبل ، واستثمار الحاضر ، وثورتهم على الواقع المتخلف ما يثير في نفوس اقرانهم الغيرة والحسد ونزعة التخلص منهم . وما حدث ويحدث بين الافراد . ويحدث بين الامم ، فكثيرا ما يتعرض المفكرون من العلماء في بعض الامم للاغتيالات من أجهزة امم اخرى خوفاً من قدرة هؤلاء العلماء على تطوير واختراع تكنولوجيا فاعلة او صناعات متفوقة او ادوية متطورة او اسلحة فتاكة ، وهذه الحروب "حروب العقول "مازالت مستمرة ومنذ الاف السنين . ولقد استخدم العقل في كيفية إحداث شلل في اداء العقل الانساني او احداث شلل في عقول ابناء الامة ، وبدلاً من الاغتيال والقتل طور الاعداء اشكالا من المواد التي استخدمت لتقليل فاعلية عقل الانسان ، ولعل اخطر ماظهر من هذه المواد ماسمي بالمخدرات والتي استخدمت مرة لهلوسة العقل البشري ومرة لتخدير العقل البشري ولتهدئة فاعليته واخماد جذوته او لشله تماماً . وقد شاع استخدام بعض المخدرات منذ الاف السنين ، الا ان القرن العشرين قد شهد تكاثرا لانواع المخدرات غير مسبوق . ولعل أحدث ما استحدثه العقل البشري هو المخدرات الرقمية والتي شاع ذكرها منذ وائل السبعينات ١٩٧٣ . هي ملفات صوتية تترافق مع مواد بصرية احياناً واشكال والوان تتحرك وفق معدل مدروس ، تمت هندستها لتخدع الدماغ عن طريق بث امواج صوتية مختلفة التردد لكل اذن ، ولان هذه الموجات الصوتية غير مألوفة ، يعمل الدماغ على توحيد الترددات الآتية من الاذنين للوصول الى مستوى واحد ، وحينها ويصبح الدماغ غير مستقر كهربائياً مما ينتج عنه الاحساس بصوت ثالث يدعى " Binaural beats " اضافة الى النغمتين وهذا ما يدعى بالخداع السمعي وتعتبر هذه المخدرات اشد فتكا من المخدرات التقليدية كونها متاحة على الانترنيت ومضمنة ضمن مقاطع صوتية وفيديوية , ويسمعها ويشاهدها الانسان من دون علمه ودرايته بانها تحتوي على مخدرات رقمية تقوده الى الادمان والى تدمير حياته ومستقبله تدريجيا .. لذلك يجب على المؤسسات الحكومية والتربوية ان تأخذ على عاتقها القيام بمحاربة هذا النوع من الاسلحة الفتاكة بعقول الشباب والمراهقين خاصة من خلال برامج توعية وارشاد , واستنفار كافة الامكانات لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة وحماية ابنائنا من خطرها ووقوعهم ضحية لها .
م.م. باسم نجم الدين
قسم علوم الحاسوب