مقالة علمية بعنوان

كتيبة TORCH الماكرة ودورها الخفي في فقدان الحمل المتكرر ووفاة الأجنة داخل الرحم
بقلم الاستاذ المساعد الدكتور أسماء حسيب هويد
للوهلة الأولى قد يظن القارئ أن كلمة TORCH تعني مصباحًا أو شعلة تنير طريقنا في الظلام الحالك. وكم كنت أتمنى أن يكون الأمر كذلك! لكنها في الحقيقة عصابة مكروبية ماكرة، تلقي بحياة الأجنة في ظلام حالك، وتخطف فرحة الأمومة قبل أن تكتمل ، أعلم أن الفضول قد انتاب الكثير من النساء والفتيات ، حسنا لنتعرف عليهم واحدًا تلو الاخر ، عرف نموذج “TORCH” من قبل Andres Nahmias عام 1971 ليشمل أربع مسببات مرضية تصيب الاجنة ، لاحقًا ادرج الحرف “O” ليشير إلى “عدوى أخرى” كما هو موضح ادناه.
T- زعيم العصابة: Toxoplasma gondii طفيلي داء القطط: الطفيلي الذي يتخفى في فضلات القطط و الطعام الملوث غير المطهو جيدا ويقود هجمات على الحمل.
O- Other اخرى مثل (HIV فيروس نقص المناعة المكتسب، Parvovirus B19 فيروس الحمة الصغير، Varicella جدري الماء، Syphilis بكتيريا السفلس) الأعضاء الإضافيين في الفرقة الميكروبية تسبب فقدان الحمل المتكرر أو تشوهات خلقية عند الأجنة
R – العضو المتخفي: Rubella فيروس الحصبة الألمانية: قد يبدو هادئًا، لكنه يترك آثارًا خطيرة على الجنين ينتقل من الام المصابة الى الجنين.
C – العميل السري: Cytomegalovirus الفيروس المضخم للخلايا: ينتقل بهدوء عبر اللعاب والاتصال اليومي ومن الام المصابة الى الجنين تاركا بصماته على الحمل.
H – العازف المنفرد: Herpes simplex viruses فيروس الهربس البسيط: متخفي دائم في اجسادنا ويظهر فجأة على المسرح بتقرحات مزعجة، ينتقل ايضا من الأم إلى الطفل أثناء الولادة.
عادة ما تشترك مسببات TORCH الممرضة في عدة خصائص شائعة، منها: امراض تكاد تكون خفيفة لدى الأم الحامل المصابة، انتقال عمودي من الام المصابة إلى الجنين، الاجهاض وطيف من التشوهات الخلقية المختلفة للجنين المصاب. تشكل الاصابة بهذه المسببات المرضية عند النساء في سن الانجاب مصدر قلق عالمي. انتقال تلك المسببات المرضية قد يحدث من الام المصابة الى الجنين قبل الولادة (وذلك عبر انتقالها من خلال المشيمة prenatally)، واثناء الولادة (من خلال التلامس مع الدم وسوائل وافرازات المهبل اثناء الولادة من خلال مرور الطفل عبر قناة الولادة perinatally) وكذلك بعد الولادة ( نتيجة التعرض لحليب الام في حالات مثل CMV و HIV و HSV postnatally). تلاحظ نتيجة إصابة الطفل عند الولادة أو في مراحل الطفولة المبكرة ويمكن بعد مرور سنوات عديدة. تنتقل تلك العصابة المكروبية الماكرة من الام غير الملقحة او غير المصابة سابقا عبر المشيمة الى الجنين المسكين الذي لا يمتلك دفاعات او بالأحرى لم يكتمل نمو جهازه المناعي فيكون فريسة سهلة لهولاء الاعداء الشرسين. إن الاصابة السابقة او اللقاح للنساء في سن الانجاب توفر دفاعات حصينة تتمثل باجسام مضادة سرعان ما تعبر المشيمة لتجهز الجنين باسلحة دفاعية جاهزة من خلالها يكون الجنين قادر على مواجهة هذا الغزو.
قد توجد لقاحات لبعض تلك المسببات المرضية والبعض الاخر لم يكن ضمن برامج التلقيحات لهذا على النساء في سن الانجاب الاخذ بنظر الاعتبار ان الوقاية تعتمد على التطعيم قبل الحمل، الفحص المبكر، والسلوكيات الصحية اليومية ( النظافة الشخصية، الطعام، تجنب التلامس والتقبيل، والجنس الامن).
“خمسة حروف صغيرة… لكن النظافة والتطعيم كفيلة بإطفاء هذا المصباح او شعلة TORCH الماكرة”

